صوت الأمة:
نظمت شبكة المدارس الإيكولوجية بالمديرية الاقليمية لوزارة التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي بوزان ندوة علمية عن بعد حول اليوم العالمي لشجرة الأركان أطرها المهندس محمد بنعبو الخبير في المناخ والتنمية المستدامة، بحضور مديرات ومديري المؤسسات التعليمية بإقليم بوزان ومنسقات ومنسقي برنامج المدارس الايكولوجية وبمشاركة التلميذات والتلاميذ احتفاء باليوم العالمي الأول لشجرة الأركان الذي اعتمدته الجمعية العامة للأمم المتحدة للاحتفاء بهذه الشجرة المستوطنة في المغرب وتثمينها كتراث ثقافي لا مادي للبشرية وكمصدر عريق للتنمية المستدامة وذلك مساء يوم الثلاثاء 11 ماي 2021.
الندوة التي افتتحت أشغالها السيدة المديرة الإقليمية لوزارة التربية الوطنية وبكلمة توجيهية رحبت من خلالها بالمشاركات والمشاركين كما شكرت الخبير الوطني في المناخ والتنمية المستدامة المهندس محمد بنعبو على تأطيره للندوة العلمية حول اليوم العالمي لشجرة الاركان داعية مديرات ومديري المؤسسات التعليمية والاطر التربوية منسقات ومنسقي الاندية البيئية على تكثيف الانشطة الموازية للتعريف بهذا الحدث الاممي وتنظيم مسابقات وورشات بيئية حول الشجرة المباركة: شجرة الاركان.
المهندس محمد بنعبو تطرق في عرضه العلمي للمزيا الصحية والبيئية والاجتماعية لشجرة الاركان و لطبيعتها ومناطق تواجدها،كما استحضر السياق التاريخي الذي واكب عملية اختيار 10 ماي من كل سنة كيوم عالمي لشجرة الاركان وغيرها من المواضيع ذات الصلة بشجرة الاركان.
في عرضه العلمي حول المنظومة البيئية لشجرة الأرغان، أكد المهندس محمد بنعبو أن شجرة الأرغان (Argania spinosa) هي من أنواع الغابات المستوطنة في جنوب غرب المغرب. تغطي شجرة الأركان مساحة تبلغ حوالي 870 ألف هكتار وتحتل في حالتها النقية أو مختلطة مع أنواع الغابات الأخرى، المنطقة الجنوبية من آسفي والصويرة وأكادير وتارودانت وتزنيت وعلى طول الوديان في كلميم، وتمت ملاحظة وجود هذا النوع في محطتين في شمال المغرب: واد جرو في الروماني وبني يسناسن في تافوغالت، شجرة الاركان محبة للحرارة ومقاومة للجفاف، حيث تطور شجرة الأركان جذرا محوريا بعمق يزيد عن 20 مترا مما يسمح بالحفاظ عليها في الظروف الهامشية حيث تقاوم حتى في المواسم التي نعرف هطول الأمطار أقل من 120 مم حيث يتجدد عن طريق البذر وبراعم الجذع، وتعرف منطقتها المناخية الحيوية بكونها قاحلة وشبه قاحلة، مع وجود متغيرات معتدلة ودافئة بينما نجد شجرة الاركان على ارتفاعات تتراوح من شاطئ البحر حتى 1500 متر كما أنها تلعب دورا مهما في مكافحة التصحر.
وأضاف الخبير في المناخ والتنمية المستدامة أنه بالنسبة لمستويات الإنتاج ومع تنوع الوحدات التي يقدمها النظام البيئي، يمكن ملاحظة التباين في إمكانات الإنتاج بوضوح من منطقة إلى أخرى، وبالفعل فإن إنتاج ثمار الأرغان في هضاب الصويرة وفي سهل سوس أعلى من إنتاج ثمار الأرغان في الأطلس الغربي المضاد، وعلى ما يبدو فإن العوامل المحددة لهذه الإمكانات هي الراحة والمناخ، ويتراوح الإنتاج لكل شجرة من 8 إلى 15 كيلوغرام أو حوالي 450 كيلوغرام سنويا في الهكتار الواحد أما محصول زيت الأرغان فيقدر بـ 3 لترات لكل 100 كيلوغرام من الفاكهة المجففة، وتنضج ثمار الأركان عادة من شهر مارس لكن لا يتم جمعها من الشهر الخامس بعد سقوطها.
وعن هذه النتائج المحققة، أفاد المهندس محمد بنعبو أن شجرة الأركان عرفت تطورا اقتصاديا هاما خلال السنوات الأخيرة، ما انعكس إيجابا على المساحات المعاد تأهيلها والتي شهدت قفزة نوعية، حيث أعاد المغرب تأهيل 146 ألف هكتار ما بين سنة 2011 و 2020، بالإضافة إلى زراعة حوالي 5000 هكتار على أراض خاصة.
وخلصت الندوة العلمية بالعديد من التوصيات من أهمها الحرص على ضرورة الاستغلال العقلاني والتدبير الجيد لاستخدام شجر الأركان في استخراج الزيت التجميلي والطبي، وحماية المنظومات البيئية لشجرة الاركان بما من شأنه حماية والمحافظة على هذه الثروة الطبيعية النادرة، وكذا ضرورة العمل على تنظيم القطاع بشكل أفضل بحيث يستفيد السكان وخاصة النساء القرويات الاركانيات اللتي تشتغلن في القطاع، من الزخم وارتفاع الطلب على زيت الأركان، وتعزيز بشكل أكبر تثمين هذا المنتج في المنطقة المنتجة، من خلال على سبيل المثال، حظر تصدير زيت الأركان الصالح للأكل بكميات كبيرة، حيث أن سبق للمغرب أن وقع على بروتوكول ناغويا الذي وقع عليه سنة 2011، والذي يلزم المستخدمين الأجانب بتقاسم المزايا الناتجة عن استغلال الموارد الجينية، وتقاسم المنافع، وذلك حفاظا على التنوع البيولوجي والاستخدام المستدام لمكوناته.
وأكد الخبير محمد بنعبو بالإضافة إلى اعتبارها تراثا تاريخيا، فإن شجرة الاركان المتواجدة في جنوب غرب المغرب هي شجرة فريدة ومبتكرة في أبعادها البيئية والجغرافية والاجتماعية والاقتصادية، في الواقع تتميز المنظومة البيئية لشجرة الاركان من خلال مجموعة واسعة من الاستخدام والاستغلال التي توفرها إما كشجرة زراعية أو كمساحة رعوية، فقد كان العمود الفقري للاقتصاد القروي للسكان المجاورين للمحيط البيوحيوي لشجرة الاركان الذي يعتمد نظام تشغيله على الرغم من اختلاف طبيعته أو شدته من منطقة إلى أخرى ، بشكل أساسي على قطف الثمار لاستخراج زيت الأركان واستخدام المنتجات الثانوية: الكيك واللب كعلف للحيوانات والقشرة كوقود، واستغلال الأخشاب الميتة والفروع للخدمات والطاقة، والرعي واستغلال أوراق الشجر كمورد علف والنبات كمنطقة رعي، والزراعة تحت اشجار الارجان واستخدام التربة كتربة سطحية، واستخراج مواد البناء: الرمل والحصى والحجارة.
فقد أدت العلاقة القائمة التي تربط سكان ضفاف النهر بالأركان من خلال هذا الطيف الواسع من الاستخدام إلى قيام المشرع بتزويد هذا الفضاء بتشريع خاص (ظهير 4 مارس 1925) والذي ، من خلال ضمان مفهوم ملكية الدولة للغابة، ويعترف حقوق المنتفعين كما هو مذكور أعلاه. ومع ذلك فقد كان لهذه الحقوق الواسعة النطاق تداعيات من خلال الاستغلال المفرط لجميع مكونات هذا النظام البيئي من تربة وأشجار وفاكهة من خلال تجاوز القدرات الإنتاجية لهذه الغابات من قبل السكان المستخدمين، وفي الواقع ، ظلت المنظومة البيئية لشجرة الاركان في حالة توازن نسبي عندما خضعت لنظام استغلالي رعوي يمارسه عدد قليل من السكان وقطيع منخفض، إن إدخال زراعة الحبوب في المنطقة، على الرغم من خطورتها، لم يخل بهذا التوازن حيث تم الحفاظ عليها على مستوى الكفاف وتطلبت مساحات صغيرة وتم تنفيذها بأدوات زراعية تقليدية لم تكن شديدة العدوانية.
ويضيف الخبير الوطني محمد بنعبو أن من بين الاشباب الرئيسية لتدهور شجرة الأرغان هو تكثيف الزراعة الحديثة التي تميزت بزيادة الطلب المتزايد على الأراضي وتطهير أكثر كثافة الأرغان لا سيما في سهل سوس، وعلى مدى السنوات العشرين الماضية تم تطوير الزراعة في سوس من خلال إدخال محاصيل حديثة عالية الغلة وخاصة البستنة السوقية التي نفذتها تقنيات الإنتاج في البيوت البلاستيكية التي تلتهم المساحات العادية، تم تنفيذ هذا التطوير على حساب شجرة الأرغان ويستمر في القيام بذلك في ضوء السوق وقيم تأجير الأراضي الزراعية في المنطقة، وفوق كل ذلك يتم تنفيذه من قبل مشغلين ليس لديهم رابط عضوي وتاريخي بشجرة الأرغان.
وساهمت التغيرات المناخية التي تشهدها المنطقة لا سيما دورات الجفاف المتكررة بشكل متزايد جنبا إلى جنب مع الجمع الهائل من المكسرات والرعي الجائر الذي يبرز من خلال مرور قطعان كبيرة من الإبل يعني أن شجرة الأركان لم يعد لديها فرصة للتجدد بشكل طبيعي بالبذور، مما يجعل القلق أكثر إثارة للقلق وحتمية، وفي الواقع تتميز الظروف المناخية السائدة في المنظومة البيئية لشجرة الأرغان بجفاف ملحوظ للغاية بمتوسط هطول أمطار يصل إلى أقل من 100 مم/سنة وتقلبات كبيرة بين وداخل السنة. لذلك لا يوفر هذا المناخ للمنطقة إمكانات إنتاجية كبيرة وبالتالي يفرض قيودا على الإجراءات الحرجية ذات الطبيعة البيولوجية.
بالإضافة إلى ذلك يتجلى الانجراف المائي بمعدل مقلق للغاية نظرا لطبيعة الأرض الوعرة وضعف الغطاء النباتي والظروف المناخية القاسية وقبل كل شيء التوزيع السيئ لهطول الأمطار الذي يتركز في شكل عواصف. التهديدات المتولدة لها تأثير سلبي على استدامة السدود في اتجاه مجرى النهر وخصوبة الأراضي الزراعية والبنية التحتية الأخرى علاوة على ذلك في المناطق ذات المنحدرات المنخفضة سهول سوس وشتوكة وتزنيتفإن بلاء الطمي الذي ينشط في هذه المناطق يهدد استدامة الموارد الطبيعية. في الواقع تغزو الرمال الزراعة أو المراعي والمنازل وحتى البنية التحتية للطرق، وتعيق محدودية الموارد المائية بشكل خطير تنمية المنطقة بأسرها، وبالتالي فإن ندرة الأمطار في المنطقة لها تأثير سلبي على موارد المياه السطحية. توريد هذا المورد.
يذكر أن المجتمع الدولي احتفل يوم الاثنين 10 ماي باليوم العالمي الأول لشجرة الأركان، الذي اعتمدته الجمعية العامة للأمم المتحدة للاحتفاء بهذه الشجرة المستوطنة في المغرب ويعد هذا الاحتفال، على الصعيدين الوطني والدولي، باليوم العالمي لشجرة الأركان اعترافا دوليا بجهود المملكة، تحت قيادة صاحب الجلالة الملك محمد السادس، لحماية وتثمين شجرة الأركان، هذه الندوة العلمية التي يسر أشغالها السيد حسن التايب مدير مجموعة مدارس معروف الرصافي عرفت مداخلات للمشاركات والمشاركين،اغنت مضامين العرض العلمي الذي تقدم به المهندس محمد بنعبو، كما تم اقتراح مجموعة من التوصيات من شأنها تنزيل فعاليات الاحتفال باليوم العالمي لشجرة الاركان بالمؤسسات التعليمية خلال هذا الموسم والمواسم الدارسية المقبلة.
المهندس محمد بنعبو
خبير في المناخ والتنمية المستدامة