أخر أخبار

اسكتلندا : الطلاب ملزمون بوضع هواتفهم داخل حافظات مغناطيسية.

20 مايو 2025
A+
A-

صوت الأمة: المصطفى دراݣي

في زمنٍ باتت فيه الشاشات تسرق من أعين التلاميذ بريق التركيز، وتخطف من عقولهم مفاتيح الاستيعاب، أقدمت اسكتلندا على خطوة جريئة تستحق التصفيق والتأمل، حيث شرعت في تطبيق نظام تربوي جديد يُلزم الطلاب بوضع هواتفهم الذكية داخل حافظات مغناطيسية مُحكمة طوال اليوم الدراسي، لا تُفتح إلا عند مغادرة أسوار المدرسة.
الغاية من هذا القرار ليست تقييد الحرية، بل إطلاق العقول من أسر التشتت. فقد أظهرت التجربة أن هذا الإجراء يُعيد للتلميذ توازنه، ويُقوي أواصر التفاعل بين الزملاء، ويمنح المعلم صوتًا مسموعًا بين ضجيج التنبيهات ورسائل الدردشة.

وقد لاقت هذه الخطوة دعمًا واسعًا من أولياء الأمور، الذين ضاقوا ذرعًا بسيطرة الهواتف على يوميات أبنائهم، فوجدوا في هذه المبادرة بارقة أمل تعيد للتعليم هيبته، وللحجرة الدراسية جديتها، وللصغار طفولتهم المسلوبة.
فيا ليتنا نُبصر في مغربنا العزيز ما أبصرته اسكتلندا من أهمية معالجة ظاهرة التشتت الرقمي داخل المدارس. فكم من درس ضاع في دوامة الإشعارات ، وكم من موهبة انطفأت خلف شاشة زرقاء ، وكم من علاقات إنسانية ضُمِّدت لو أُبعدت الهواتف قليلًا عن الأيادي الصغيرة!
ليكن في هذا النموذج درسًا لنا لا درسًا عليهم فقط، ولتُعمَّم التجربة في مدارسنا، حماية لأبنائنا من تيه التكنولوجيا، وإعادة لبوصلة التعلُّم إلى وجهتها السليمة. فالتعليم جِدٌّ لا هزل فيه، وصرحٌ لا يُبنى على أساس مشتت، بل على عقل صافٍ، وقلب مُقبل، وبيئة تُنبت الفكر لا تُفرّقه.
فكما حاصروا الهواتف في حافظات مغناطيسية، فلنُحاصر نحن التشتت بمناهج حكيمة، وإجراءات صارمة، ونظرة مستقبلية لا تغفل عن مصلحة التلميذ، ولا تساوم على جودة التعليم.
إن التجارب الناجحة لا وطن لها، بل هي تراث إنساني مشترك، متى أدركناه، وأحسنّا نقله، أصبحنا شركاء في الحضارة لا متفرجين عليها. فهنيئًا لاسكتلندا يقظتها، ونأمل أن نُبصر يقظة مماثلة في مدارس مغربنا الحبيب.

تعليقات الزوار ( 0 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: